هل ينافق عصيد في بعض الأحيان ؟! كشف الحجاب عن بعض الموروثات !



قال احمد عصيد في العديد من الندوات و اللقاءات اننا لا نفهم الدين كما ينبغي و لابد أن ينبثق و فقهاء "متنورين" من داخل الحقل الإسلامي، "فأنا باحث ثقافي و لست فقيها".."لذلك نحتاج بشدة الى اشخاص مختصون في الدين و يجتهدون بعقولهم" .. ويعملون على تطوير الخطاب الإسلامي قيم العصر و الدولة الحديثة.

ما قاله عصيد صراحة هو الحل الأمثل للتعامل مع الخطاب الإسلامي و القضاء على الإرهاب و الكراهية في العالم الإسلامي، لكن هل يصح في الواقع هذا الإقتراح او الحل ؟ للتحقق من ذلك لابد من النظر مرة أخرى الى الإسلام و مبادئه و قيمه على مستوى الأخلاقي و الإنساني و الإجتماعي . فهل النصوص الإسلامية كقرآن و احاديث تسمح بالإجتهاد في كل ما يورد فيها ام لم يورد؟
فالمعروف ان الديانة الإسلامية تمنع الإحتهاد فيما سبق ذكر أحاكمه في القرآن او الأحدايث المنسوبة الى الرسول فكيف يكون كلام الله خاظئا و نرفع عليه كلام البشر ! فالإجتهاد يشمل فقط القضايا التي لم يتحدث القرآن لو الحديث عن أحكامها، وبعد فهم الإجتهاد فإن المشكلة ليست فيه لأنه لا سلطة لأي شيخ او عالم دين أن يفرض عليك أحاكم لاتناسب العصر و لا تتماشى مع سياسات الدولة التي تعنى بالتنمية و الإقتصاد و التحذير من المخاطر كالتدخين و المخدرات .. إذن تبين الآن أن المشكل المطروح هو هل هناك إمكانية تغيير النصوص سواء القرآن او الحديث لتتناسب مع الحياة التي نعرفها الآن ؟ فهل يمكننا فعلا حذف آية قرآنية تتظمن حكما لايناسب الدولة الحديثة ؟ و هل يمكننا تغيير الأحاديث أو انتقائها ؟
عصيد يؤكد انه بإمكاننا أنه بإمكاننا الإجتهاد في فهم الدين ليلائم العصر دون التعارض مع قيمه، فهل يمكننا حقا إنتقاء القران ؟!
مبدئيا، الجميع ينتقي القران و يطبق القليل منه فقط ! فلا نرى الدولة المغربية الآن تقطع الأيدي للسارق بل تحاكمه وفق قوانين و ضعية و من هنا فالدولة المغربية لا تطبق القران و ليس الدولة (الحكومة) فحسب، بل حتى المجتمع المدني. وتجدر الإشارة الى ان الحركات والتنظيمات المتطرفة الإسلامية الإرهابية كداعش و الطالبان و القاعدة، فصراحة لا يمكن ان نحكم ان كانت فعلا لاتمثل الإسلام كما يقول العامة، أم انها هي التي تمثل الإسلام حسب النصوص الدينية نفسها و حسب التاريخ و المعرفة و التحليل العلمي.
فكيف سيجتهد عصيد او حتى من يوكل اليه الإجتهاد ان ينبش في ايات تعدد الزوجات و عدم المساواة في الإرث بين الذكر و الأنثى وكذلك ايات القتال و قتل المرتد عن الدين .. وغيرها، كلها ايات غير مناسبة لتطبق في عصرنا و في ضل قوانين الدولة الحديثة و الكم الهائل من القيم التي تغيرت، فحتى في عهد الرسول، بالإضافة الى قطع الأيدي و قتل المرتدين و الجهاد في كل من رفض الإسلام، كان هناك عبيد و جواري و لم يحرم الإسلام العبودية بل رسخها عبر القران و كلام الرسول ايضا (الأحاديث)، فخلال كل معركة ينتصر فيها المسلمون يأخذون الغنائم منها البشرية كالنساء و الأطفال، الذين يعملون كعبيد لأفراد جيش المسلمين فحتى زوجة الرسول صفية بنت حيي كانت غنيمة اختارها الرسول لنفسه (اصطفاها لنفسه) بعد معركة خيبر.
إذن فالإسلام فعلا يتضمن بعض الأحكام و الشروط التي لا تناسب مجتمع اليوم و لو ان كانت تناسب مجتمع يثرب و مكة في عهد الرسول، فكيف يا أستاذي عصيد ستجتهد في فهم الدين دون التعارض معه، فخلال ما وضحته الان يظهر ان هناك خيارين لا ثالث لها: إما أن تطبق الإسلام كما هو وكما جاء في القرآن و السنة، و إما أن تجتهد و تضرب بالآيات و الأحاديث عرض الحائط لتلائم القيم الإنسانية كما نعرفها الآن و تصبح في نظر المسلمين كافرا زنديقا يحل دمه ! رغم انك لا تحاول سوى تحسين الأوضاع و ترسيخ المحبة !
و مهما كان الإتهام الموجه الى في سطوري هذه، فأقول أن هذا هو الواقع، فكيف في عصر حقوق الإنسان أن تقتل انسان لأنه ترك دينا ؟ ! وكيف في الدولة الحديثة أن تفرض الدين بقوة السلاح ؟! إنها الهمجية بصورتها الشاملة.
إذن تبين أن "نظرية عصيد" التي ما فتئ يقولها في عدة مناسبات مجرد كلام عابر و غير مبني على اي تحليل و لايقدم اي حل، لكن أجد الأستاذ عصيد محقا في معظم فكره لأنني حداثي أيضا، وأعتقد انه لايمكننا تغيير النصوص الإسلامية في حد ذاتها، غذ يستحيل ذلك دون التعارض مع الإسلام، إذ الذي نحتاج اليه هو ابعاد الدين (الإسلام) عن سياسة الدولة و عدم تسمية الدولة لنفسا ب"دولة اسلامية" لأنه مجرد شعار لاستغلال الشعوب باسم الدين و من الواضح جدا أن المغرب ليس دولة اسلامية فهذه الدولة هي المتواجدة الآن في سوريا و العراق "دعش" وهي ايضا (الدولة الإسلامية) القاعدة و الطالبان و الإخوان المسلمين و السلفيين و كل من يتقاسم أفكارهذه الجماعات و إيديولوجياتها. إذ الشعارات كلها نفاق و لاتمث للواقع بصلة، و ان كان المغرب يطلق على نفسه "دولة اسلامية" فهو مجرد شعار و ليس حقيقة لهدف بسيط هو تكليخ الشعب و جعله يقدس السلطة و المخزن فكلما حدث مشكل اجتماعي و اقتصادي او تهديد لمصالح السلطة تجدها تصيح عبر ابواقها الإعلامية "فقط نم ايها الشعب فنحن دولة و أمة اسلامية و سندافع عن أمتنا بما أتينا من قوة " !! ويصدقهم المواطن البسيط الساذج فيعود الى نومه !
إذن إذا كنت ممن يكرهون تفكيري و تقول :"ما شأنك انت ! نحن نعيش في دولة اسلامية ! " فأعتقد أنني أوضحت اننا لسنا دولة اسلامية بالإضافة الى كون الإسلام ليس هوية الدولة فهو لم يصل الى المغرب سوى في القرن السابع و ليست هناك اي "دولة اسلامية" تمثل هوية الإسلام سوى السعودية او مكة و المدينة تحديدا، و لسنا مجبرين على تطبيق اي دين بأي شكل يفرض علينا و لسنا مجبرين اصلا على تطبيقه، فالذي لا يفهمه العقل المسلم و العقل العربي هو ان الدين مسألة شخصية و إيمان شخصي فلا يمكن اعتباره معرفة او حقيقة مطلقة، تذكر انه ايمان فقط.. ولكل الطريقة التي يؤمن بها.
إذن إذا كنت تريد قطع الأيدي و قتل المرتدين فطبق أفكارك الإنسانية النبيلة على ابنائك فقط مع انني أعلم أنك ستفعل للأسف !
واكرر ان ما قاله عصيد مجرد هذيان او كلام عادي يستحيل تطبيقه .. لكن الحل هو العمل ب"لكل معتقداته و الكل عنده حرية الإختيار و مصلحة الدولة (لا السلطة) أولا ) !
التعليقات
قد يعجبك ايضا