صحفي عراقي يتمنى لو كان أمازيغيا

مقال لـ سيف صلاح الهيتي تمنيت ان اكون أمازيغيا


في هذا المقال نرى الصحفي العراقي سيف صلاح الهيتي، عضو في نقابة الصحفيين العراقيين، مذيع ومقدم برامج في عدد من الإذاعات والقنوات العراقية يتمنى أنه لو كان أمازيغيا!  و نشر المقال في صفحته على موقع huffingtonpost النسخة العربية بعنوان "تمنيت أن أكون أمازيغياً" الا ان نشرنا للمقال هنا على مدونة أبودرار لا يعني اننا نتفق معه 100% او نأخذه دون حذر و تحفظ خصوصا في الجانب في الديني، فهناك من لا يزال يرى "البطولة" في غزو الشعوب الاخرى بالسيف و باسم الدين ، إلا انه مع ذلك مقال ممتاز يفتح عقول بعض الأمازيغ الذين تمنوا لو هاجروا الى االسعودية او احدى بلدان الخليج، و يكشف ايضا على ان الوعي بالهوية الأمازيغية اصبح ملحا و ضروريا في شمال افريقيا. 
و الان اليكم المقال


تمنيت أن أكون أمازيغياً


بقلم: سيف صلاح الهيتي | صحفي عراقي

من ابن البيطار إلى ابن رشد تاريخ مفعم بالعلم والمعرفة والانفتاح على الثقافات الأخرى، قد يكون العنوان غريباً، لكن نزهة طريفة في تاريخ الأمازيغيين تحوّل الغرابة إلى ألفة، ألفة تلغي فوارق الانتماءات الضيقة متجهة ببوصلتها إلى الانتماء الإنساني للثقافة والفكر والمعرفة، حين تتبدد الطرق الضيقة لتنفتح على رحاب العالم حينها، لن تكون أمنية العنوان للمفلسين، وإنما للباحثين عن الانتماء إلى عالم العصر والثقافة الكونية التي لا تعرف إلا مسمياتها الثرية الرحبة الجامعة للإنسانية.

تفاعل في عمق التاريخ

ترجع أقدم الكتابات عن الأمازيغ إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وهي كتابات وجدت عند المصريين القدماء، يعرف الأمازيغ في الفترات التاريخية بأسماء مختلفة، منها الليبيون والنوميديون والجيتوليون والموروالبربر.

عاصر الأمازيغ أقوى دول العالم القديم، بل لقد لعبت تلك القوى دوراً فعالاً في تاريخهم، فتفاعلوا معها ثقافياً وعسكرياً وتعتبر قرطاج نموذجاً للتفاعل بين الأمازيغ والفينيقيين، وتعتبر قورينا نموذجاً للتفاعل بين الأمازيغ والإغريق القدماء، ومثلما تفاعلوا مع الإغريق والفينيقيين تفاعلوا مع الرومان؛ حتى إن قرطاج الرومانية كانت أقوى مدينة بعد روما، عاصمة الرومان، فنبغ الأمازيغ في جامعتها، ونذكر منهم القديس أوغسطين وترتوليان وأبوليوس

طارق ابن زياد كان أمازيغياً

استفاد العرب من الأمازيغ في غزواتهم، حتى إن طارق بن زياد كان أمازيغياً، وهو القائد الذي فتح الأندلس في وقت زمني أكسبه شهرة عالمية، حتى إن مضيق جبل طارق قد سمي نسبة إليه، بل إن الأندلس على الرغم من أنها قد خضعت لغير الأمازيغ، عرفت بالحضارة المورية كاسم للحضارة الإسلامية في الأندلس، والمور هو أحد أسماء الأمازيغ المغاربة.
وهذا يبرز تأثير الأمازيغ في الأندلس التي خضعت في ما بعد للإمبراطوريتين الأمازيغيتين الإسلاميتين المرابطين والموحدين.

أحرار و ليس برابرة

الأمازيغ وتعني الرجل الحر النبيل ويسميهم العرب غالباً بالبربر الشيء الذي يرفضه الكثير من الأمازيغ باعتبار الاسم عبارة عن وصف عنصري يعني المتوحشين والهمج.
عاش الأمازيغ في شمال إفريقيا موطنهم الأم في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر القديمة إلى جزر الكناري ومن حدود جنوب البحر المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي، ولم يعرف أي شعب سكن شمال إفريقيا قبل الأمازيغ.
تنوع لغوي وخطوط مميزة
يتحدث الأمازيغ اللغة الأمازيغية، وهي تتفرع إلى تنوعات تختلف قليلاً من منطقة إلى أخرى، ولكن مع حلول الإسلام في إفريقيا استعربت أقلية نخبوية من الأمازيغ بتبنيها اللغة العربية أو بالأحرى اللهجة العربية المغاربية، أما أمازيغ جزر الكناري فقد تبنوا اللغة الإسبانية.
وابتكر الأمازيغ خط التيفيناغ وهو الخط الذي تبناه النظام التعليمي في المغرب لتلقين الأمازيغية، يحتفل الكثير من الأمازيغ وبعض القبائل المعربة برأس السنة الأمازيغية التي توافق اليوم الثاني عشر من السنة الميلادية، ونسج الأمازيغ حول شهور السنة الأمازيغية الشمسية قصصاً عدة وجعلوا منها جزءاً من ثقافتهم

مشاهير ظلمهم التاريخ والتسميات

مشاهير الأمازيغ لا يمكن حصرهم وإعطاؤهم حقهم الذي يستحقونه، وربما لا يعتقد البعض أن بعضاً من مشاهير العرب كابن رشد وابن البيطار من أصول أمازيغية، لكنها الحقيقة سنمر هنا على بعض الشخصيات من باب العد لا الحصر، وإلا فالتاريخ الأمازيغي أكبر من أن يحيطه مقال أو يسطر في كتاب.

  1. عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني ولد عام 810م في رُندة بإسبانيا وتوفي عام 887 م بقرطبة اشتهر بأنه أول من حاول الطيران، إضافة إلى كونه شاعراً وموسيقياً وعالماً في الرياضيات والفلك والكيمياء ومكتشفاً ومهندساً مصمماً ومخترعاً؛ إذ إن خبرته في مجال الهندسة ساعدته في تصميم الكثير من اختراعاته، من بينها الطائرات الشراعية وقامت وكالة ناسا بوضع اسمه لإحدى فوهات القمر عام 1369 هـ.
  2. ابن آجروم الصنهاجي يرجع أصله إلى قبيلة صنهاجة الأمازيغية المشهورة التي تكلم عنها العالم الأمازيغي ابن خلدون، آجُرُّوم كلمة أمازيغية معناها الفقير والصوفي، ولد ابن آجروم بفاس سنة 1273م توفي 1323م اشتهر بكتابه الآجرومية الذي يعتبر من أهم كتب النحو.
  3. ابن بطوطة ينتسب إلى قبيلة لواتة الأمازيغية، وُلد بطنجة سنة 1304 وتوفي سنة 1377م هو رحالة ومؤرخ وقاضٍ وفقيه لقب بأمير الرحالين المسلمين.
  4. ابن رشد وُلد في ملقة بالأندلس 1126م، توفي في مراكش بالمغرب 1198م، فيلسوف وطبيب وفقيه وقاض وفلكي وفيزيائي اتهم بالكفر والإلحاد.
  5. ابن منظور أمازيغي وُلد بطرابلس ليبيا سنة 1232م، وتوفي في القاهرة سنة 1311م، وتولى القضاء في طرابلس وألّف كتاب لسان العرب.
  6. محمد البوصيري شاعر صنهاجي اشتهر بمدائحه النبوية، أشهر أعماله البردية المسماة الكواكب الدرية في مدح خير البرية، وُلد في مدينة دلس، ولاية بومرداس الجزائر عام 1213م، وتوفي 1295م، تعود أصوله لمنطقة دولة الحماديين، انتقل مع أبيه إلى القاهرة؛ حيث واصل تلقي علوم العربية والأدب.
  7. يحيى الزواوي وُلد في بمنطقة زواوة شرق الجزائر سنة 564ه، هو أول من ألَّف في النحو عن طريق النظم الشعري بكتابه الدرر الألفية، كما له الكثير والكثير من المصنفات والكتب في شتى الصنوف العلمية، وصفه الإمام الذهبي بقوله العلامة شيخ النحو والفقه.
  8. محمد أكنسوس مؤرخ وُلد بالمغرب في قبلية إداوكنسوس السوسية عام 1796م، يعد من أهم مؤرخي الدولة العلوية.
  9. ابن البيطار وُلد في ملقة بالأندلس سنة 1197م، وتوفي سنة 1248م، خبير في علم النبات والصيدلة، وأعظم عالم نباتي ظهر في القرون الوسطى وساهم إسهامات عظيمة في مجالات الصيدلة والطب.
  10. استيفانيكو أزمور، مستكشف، وُلد سنة 1503م بمدينة أزمور بالمغرب قبل الاستعمار البرتغالي لأزمور بعشر سنوات، وكان يطلق عليه ستيفن الصغير، وستيفن الأسود، مسجل كأول أمازيغي إفريقي أسود يصل لأميركا سنة 1527م.
  11. أبو عبد الله محمد بن تومرت (1080 - 1128م)، ومؤسس الدولة الموحدية ركز دعوته في مواجهة فقهاء المالكية على أسس دينية وأخلاقية واجتماعية وسياسية ينتمي إلى قبيلة هرغة إحدى القبائل المصمودية الأمازيغية.
  12. يوسف بن تاشفين الصنهاجي (1006م - 1106م) ثاني ملوك المرابطين اتخذ لقب أمير المسلمين، وهو أعظم ملك مسلم في وقته، أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوباً والأندلس شمالاً، أنقذ الأندلس من ضياع محقق، وهو بطل معركة الزلاقة وقائدها، وحّد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب، بعدما استنجد به أمير إشبيلية، عرف بالزهد، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء، كان الصنهاجي كثير العفو، مقرباً للعلماء، سائساً حازماً.

تاريخ حافل ومشرف وسيرة عطرة قدمها الأمازيغ كنموذج إنساني للعالم في الابتكار والتفاعل الحضاري مع الأمم الأخرى.

ربما ظلمهم المؤرخون، لكن لا يستطيع التاريخ أن ينكر ما هم عليه، وما قدموه للبشرية واضح كعين الشمس، وباقٍ ما بقي الإنسان لا يُنسى بتقادم الزمن، ولا ينكره حاقد غائل الصدر ولا يزحزحه عن مسيرة البشرية قوي.
السؤال الآن: هل ما زال التمني في العنوان غريباً؟

التعليقات
قد يعجبك ايضا