كيف يستغل العرب القضية الفلسطينية لإقبار الهوية الأمازيغية واستيلاب الأمازيغ

الأمازيغ imazighen
بقلم: أحمد أداسكو
لا شك ان القضية الفلسطينية من ابرز القضايا التي تنال اهتمام شعوب شمال افريقيا و الشرق الاوسط خصوصا العربية منذ البدايات الأولى لقيام دولة اسرائيل عام 1947 بعد نهاية الانتداب البريطاني و ما نشب من حروب و صراعات بين اسرائيل و الفلسطينيين التي لا تزال مستمرة الى يومنا هذا، لكن طوال هذه الحقبة كانت هناك حروب و صراعات في مناطق اخرى في العالم، و شعوب تضطهد و دكتاتوريات تنصب لكنها لم تثير انتباه العرب و لم يتضامنوا مع اية شعوب تتعرض للقمع كما يتضامنون مع فلسطين اعلاميا و اقتصاديا و عسكريا و سياسيا، شعوبا و حكومات.
لقد مرت عدة حروب منذ 1947  حتى اليوم لعل ابرزها حرب الفيتنام عام 1955 و حرب الافغان ضد السوفيات منذ 1979 حتى 1989 و اضطهاد الأكراد و تشتيتهم عبر عدة دول من بينها العراق و سوريا و تركيا و منعهم من تأسيس دولتهم مستقلة  و نفس الشيء يحدث مع الأمازيغ، اغلب سكان شمال افريقيا الذين قسمتهم دول كالمغرب و الجزائر و تونس و ليبيا و تشاد و النيجر ... و هناك سعي لإبادتهم ثقافيا و القضاء على لغتهم، فرغم ان  معظم سكان شمال افريقيا ليسوا عرب بل بربر (امازيغ) الا ان الانظمة التي تحكم بلدان شمال افريقيا تصنف نفسها على انها عربية .. 
فالأمازيغ اذن يتعرضون لغزو ثقافي و استيلاب هوياتي واستلاء على الاراضي كما الكورد.. و لا يجدون رغم ذلك يد الدعم و المساندة لا من قبل العرب ولا غيرهم، فالقضية الفلسطينية يوليها العرب اهمية دون غيرها لكونهم يعتقدون ان من شأنها ان توحدهم. 
ماذا يعني ذلك ؟ انه يعني ان العرب يتعاملون مع القضية الفلسطينية من منطلق عرقي اثني قومي، اي ان مساعيهم من الدفاع عن فلسطين مساع قومية و ليس تضامنهم تضامن انساني و لا يساندون فلسطين من وجهة نظر موضوعية، لذلك تجد الكثير من الكتاب و المفكرين يربطون بين القضية الفلسطينية و "النهضة العربية " فهو سلاح ايديولوجي اكثر من كونه تضامنا مع الاخوة المنتمين للأمة الواحدة، إلا ان لكل ذلك اثار سلبية على الأمازيغ في شمال افريقيا الذين يناضلون من اجل الاستقلال الثقافي و السياسي و القطع مع الانظمة الخليجية عن طريق تنديدهم بالكيانات الاقليمية  ك "اتحاد المغرب العربي" و كل منظمة و مؤسسة تحمل صفة العروبة و تقصي المكون الأمازيغي الذي يشكل الاغلبية الساحقة للنسيج البشري لشمال افريقيا، كما تبين ذلك دراسات علمية حول التوزيع الجيني و اصول الشعوب و الجماعات، اخر دراسة نشرتها ناشونال جيوغرافي  [1] تؤكد مثلا ان اغلب سكان تونس (حوالي 88% ) ينحدرون من اصول شمال افريقيا و النسبة المتبقية منقسمة على الاصول الاوربية و المتوسطية و العربية. إن ادعاء عروبة شمال افريقيا و عروبة الأمازيغ ادعاء ايديولوجي لا يستند لأي اساس علمي موضوعي ذلك بسبب نزعة القومية العربية التي تستهدف تعريب كل الشعوب التي انتشرت عندها اللغة العربية و الاسلام و السعي لبناء وطن واحد من المحيط  الى الخليج باسم العروبة و اقصاء كل المكونات الثقافية و العرقية الاخرى، و كثيرا ما يستغل الاسلام لتحقيق هذا الهدف و القضاء على كل ما يبرز الهوية الأمازيغية.


كيف ينبغي أن ننظر للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ؟

أعتقد انه من البديهي و الواجب ألا تكون مطالبنا فوق مطالب الدولة الفلسطينية و ألا نحمل لأنفسنا ما لم تعلن عنه فلسطين اصلا، فمثلا رغم ان السلطة الفلسطينية اعترفت بدولة اسرائيل  رغم مشكل الحدود إلا ان المجتمعات العربية و الحكومات العربية تطالب بزوال اسرائيل و "انهاء الاحتلال" و استرداد فلسطين كليا، فهذا تناقض بين مطالب الدولة الفلسطينية الأدرى بشؤونها و مطالب الشارع العربي، لذلك فسقف المطالب ينبغي له ألا يتجاوز أبدا  السقف الذي تعلنه الحكومة الفلسطينية، ثانيا نحن لابد من التعامل مع هذا الصراع/القضية من منطلق انساني و حب الخير لكل الشعوب و ليس من منطلق عرقي او ديني او قومي يتجاوز حدود الدول و سياداتها كما يفعل المتحمسون للوطن العربي الموحد، ثالثا يجب ألا يكون التضامن مع فلسطين على حساب الأمازيغ و حتى الشعوب العربية فملايين الدولارات تنفق على اطفال غزة و يدرس الطلبة الفلسطينيون في أرقى المدارس و الجامعات في حين أطفال جبال الأطلس و الجنوب الشرقي في المغرب يموتون جوعا و بردا و تبعد عنهم المدارس عدة كيلوميترات لا يقدرون على قطعها كل يوم خصوصا  ايام الشتاء و الصقيع.
التعليقات
قد يعجبك ايضا