هل الفنانة الأمازيغية فاطمة تحيحيت "كربوزة" ؟ ⵜⵉⵃⵉⵃⵉⵜ

fatima tihihit mzziyn
انتشرت هذه الايام مجموعة من الاراء و التعليقات على الفيسبوك تنعت فاطمة تحيحيت بكونها كربوزة اي انها ليست امازيغية حقيقية، بين مراهقين يوزعون صكوك النضال والاعتراف او سحب الاعتراف بأمازيغية الاخر.
بداية لابد من التأكيد ان هذه التعليقات المراهقة و المنحطة لا تصدر عن المناضلين الأمازيغ المعروفين على الساحة، ولا تصدر من الفنانين، و لا من الحداثيين المثقفين، انها تصدر من ثلة من المراهقين الذين يدعون النضال، الا ان نضالهم مقتصر على التزلال و التعناب في الفيسبوك باسم القضية الأمازيغية، و مصطلح "كربوز" اذا كان يعني في الاوساط المعربة خصوصا في مدينة الدار البيضاء كل امازيغي ناطق، اي يطلقه المعربون على الامازيغ الناطقين و خاصة القادمون من المناطق النائية، فإنه يعني اليوم داخل الاوساط الامازيغية، داخل الحركة الأمازيغية، كل من ينفر من هويته الأمازيغية و يخجل من الحديث بلغته و يتنكر لها، و على هذا الاساس يصنفون الامازيغ الى أمازيغي-حقيقي و أمازيغي-مزور، و يعتقدون انهم في موقع يسمح لهم بتوزيع صكوك النضال خصوصا اذا تعلق الأمر بفنان أمازيغي، الفنان الذي يغني بالامازيغية و يتواصل بها و شق طريقه نحو النجاح كالفنانة المقتدرة فاطمة تحيحيت (اسمها الفني) او باسمها الحقيقي فاطمة بانو، و ساهمت بشكل او بآخر في نشر الثرات و الفن الأمازيغية، أبدعت و خدمت الهوية الأمازيغية و الكثير من متابعيها بفضلها اصبح لديهم وعي بذاتهم الأمازيغية، على عكس ثلة من المراهقين في الفيسبوك الذي يصدرون تعليقات منحطة و راء الشاشة و باللغة العربية و الدارجة، و لا يجيدون حتى اللغة الأمازيغية كما تجيدها الفنانة فاطمة تيحيحيت، و لم يبدعوا يوما لخدمة الفن الأمازيغي و الموسيقى الامازيغية خاصة، اذ يقضون ساعات على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك في كتابة تدوينات 99% منها مكتوبة بالعربية و الدارجة، راكبين على كل موجة تأتي و لو كانت سخيفة، الا انهم عندما يتعلق الأمر بالفنان الامازيغي عامة و السوسي خاصة فلا يتهاونون في نعته بالكربوز او انه ليس امازيغي حقيقي و هذا ما شهدناه قبل عام تقريبا في حق الفنانة الكبيرة فاطمة تباعمرانت، و اليوم في حق الفنانة فاطمة تيحيحيت.
تلك التعليقات لا تنبني على النقد البناء، الذي يقوم به عادة الفنانون و النقاد، و لا تستخدم أيا من العبارات المحترمة التي تليق في التعليقات، و ليس الهدف منها إلا احتقار الموسيقى الامازيغية و السوسية بالخصوص، أليست الة الرباب من أعظم الالات الموسيقية التي يعرف بها الامازيغ ؟ اليست هي احدى الالات التي لا تجدها الا في سوس ؟ قد تتواجد في مناطقة اخرى كإندونيسيا لكن ليست كالالة الامازيغية السوسية المميزة بهندستها و شكلها و ألحانها، و اذا لم نعتز بمثل هذه الالة و كل ما ننفرد به عن غيرنا نحن الأمازيغ، فبماذا سنعتز إذن ؟ بكل ما هو مستورد ؟ بموسيقى اجنبية مستوردة ؟ بالات اجنبية مستوردة ؟ بألحان اجنبية مستوردة ؟ 
اعرف ان العقلاء يستوعبون كل هذا جيدا و يحترمونه و يقدرونه، الا ان هذه السطور موجهة للغافلين المراهقين فكريا، فلا أحد ينكر ان الموسيقى السوسية تتميز عن غيرها في هذا العالم  المتنوع الثقافات، سواء في الّألحان او الالات الموسيقية او الكلمات او الرقصات، داخل سوس ستجد أنواع متنوعة مختلفة بداية من أحواش الذي هو رقصة تقليدية عريقة، مرورا بموسيقى الروايس و  موسيقى المجموعات، و قد ظهرت في سوس انواع جديدة عصرية تمزج بين الحان و الات موسيقية مختلفة، و في احواش ستجد انواع مختلفة من تافرات الى إمينتانوت، و هي رقصة قليدية تتميز بمعجم غني، فأحواش هو تنضامت اي الشعر، ولا يبرع فيه الا الشعراء الحقيقيين، و يحتاج لرصيد من الكمات و المعجم التي تصف الموضوع الذي تكون حوله الرقصة.

نبذة عن الفنانة الأمازيغية تيحيحت ⴼⴰⵟⵉⵎⴰ ⵜⵉⵃⵉⵃⵉⵜ

و لدت فاطمة تحيحيت بقبائل تمنار بإحاحان (او حاحا كما تدرج بالعامية ومنها الى العربية)، و عرفت طفولتها كل القسوة و المرارة، بزواجها قاصرة في سن صغيرة مرغمة، فتحكي أنها كانت لا تعرف انها متزوجة ورقيا بتزوير عمرها و تنادي زوجها "جدي" الذي عاملها كابنته لكنها لم تسطيع البقاء بعيدة عن ابويها لفترة طويلة و عادت الى اسرتها رافضة البقاء في بيت غريب عنها، لكن تم تزويجها مرة أخرى للمرة الثانية و هي لم تبلغ بعد السن القانونية، و مع "زوجها" الثاني ذاقت المرارة و الالم و المعانات اذ لم يسمح لها بالخروج من المنزل و كان يغلق النوافذ بالخشب و المسمار مخافة ان تنتحر لانه يعرف انها لا ترغب في البقاء معه و كانت تكرهه بشدة ولا تتحمل الجلوس بالقرب منه، و بسبب اقراف زوجها لجرم ادى الى قتل احد الاشخاص، نقل الى السجن فهربت فاطمة بانو الى مسقط رأسها، لتقرر العائلة تزويجها مجددا للمرة الثالثة لشخص مكفوف، ولم تتقبل الامر فقررت ان تقف في وجه العائلة و التقاليد بشجاعة فهربت الى مدينة الدار البيضاء مع علم أمها، و هناك عملت لبضعة ايام خادمة بيت عن احدى الأسر السوسية، و قررت ربة البيت تعريفها لى احدى الشيخات (راقصات بالامازيغية) ربما يكون افضل لها من البقاء خادمة في البيت، و هناك ستعمل الفنانة الامازيغية المستقبلية فاطمة تحيحيت مع الشيخات في اغاني الفنان الشهير الرايس الدمسيري من سنة 1983 إلى 1986 ثم بعدها لتستقل و تكون فرقتها الخاصة بها و تغني مجموعة من الاغاني التي ادت بها في وقت وجيز الى الشهرة، و كانت تباع اغانيها عبر كاسيط فيديو القديمة قبل صدور الدي في دي و الاجهزة و المشغلات المعاصرة، من خلال اغانيها الفريدة من نوعها استطاعت المساهمة في ترسيخ الهوية الأمازيغية و التعبير عن الموسيقى الأمازيغية الاحاحانية السوسية و ايصالها الى بيوت الالاف من الامازيغ منذ التمانينات و شاركت في عدة اعراس و حفلات، و هذا ما يسمى الإبداع و الانتاج و النضال و ليس الجلوس وراء الشاشة و اصدار تعليقات غير مسؤولة !

توزيع صكوك النضال الأمازيغي على الفيسبوك

فاقد الشيء لا يعطيه، فيكتفي بالتعليقات السخيفة، و نحن لا نرى فيه اي نضال ولا ابداع، فالمناضل الحقيقي لا يطعن في الموسيقى الأمازيغية مهما كان نوعها، و المناضل الامازيغي يعلم جيدا ان الفنون خصوصا الموسيقى هي من ركائز هوية و ثقافات الشعوب، فاطمة تحيحيت مزين قدمت الكثير و خدمت الهوية الأمازيغية لفترة طويلة و سبقت المراهقين فكريا الى النضال، ام ان النضال عندهم هو التقاط الصور مع العلم الأمازيغي و "التزلال الفيسبوكي" ؟ ! هزلت !
منطقة إحاحان الأمازيغية قدمت فنانون كبار و لعل أبرزهم الفنان الرومانسي المبدع أحمد بيزماون، و الفنانة فاطمة تيحيحت مقورن، الفنانة فاطمة تحيحيت مزين (التي حولها هذا الموضوع) و اخرون ... و إذا لم ندافع عن الفن الامازيغي و الموسيقى الامازيغية بالخصوص فعن ماذا سندافع إذن ؟ ! أشك في ان اي مناضل أمازيغي حقيقي سينعت اي فنان أمازيغي مهما كان بالكربوز، او يأخذ معول الهدم و يهدم ما تبقى من الثراث المشكل للهوية الأمازيغية في شمال افريقيا، و الفنان الأمازيغي محكوم بالواقع و يتأثر به و قد نجد فنانا منخرطا في حزب سياسي ما نادرا، لكن لابد من التفريق بين حياته السياسية و حياته الفنية، فهناك فعاليات أمازيغية ايضا منخرطة في الاحزاب و المؤسسات، فبالنسبة للنضال تتعدد طرقه و أشكاله و استراتيجيته، و في الوقت الراهن المناضل الأكثر راديكالية لا مفر له من التعامل مع المؤسسات بل و العمل داخلها. لكن على كل حال الفن الامازيغي خصوصا الموسيقى خط أحمر و لا ينبغي اقحامه في اي صراع سياسي .
في النهاية أحب ان اشير الى ان بعض الاصوات الأمازيغية التي هي عار عليها لا تصدر تلك التعليقات من منطلق علاقة المعجب بالفنان، فالموسيقى و الفنون اذواق لا تناقش و كلنا لدينا ما نميل اليه من الاغاني و الفنانين، بل تصدر منهم من منطلق الطعن في الموسيقى الأمازيغية السوسية بشكل عام و احتقارها و الحط من قيمتها لاهداف تكون غالبا سخيفة تافهة و وهمية، فستجدهم يقولون نفس الكلام عن تباعمرانت و ايزنزارن و اودادن و غيرهم ... و هاؤلاء بهذا التفكير هدفهم تفقير الثقافة الأمازيغية و ما يعبر عن الهوية الأمازيغية التي يدعون الدفاع عنها .

بعض صور الساركازم حول أصدقائنا موزعي صكوك النضال 

amazigh sarcasm
كربوز أمازيغي

فاطمة تحيحيت مزين في برنامج رشيد شو - الجزء1

الجزء الثاني على (هذا الرابط)

إحدى الاغاني القديمة التي تتحدث فيها عن قصة طفولتها

التعليقات
قد يعجبك ايضا