:
ينطلق النقاش الفكري اليوم في المجتمع المغربي والإسلامي من مرجعيتين أساسيتين متناقضتين هما: المرجعية الدينية (الإسلامية) بمختلف تلاوينها ثم المرجعية الحداثية العلمانية اليسارية، واريد ان أشير أن المرجعية الإسلامية ليست إسلامية بل إسلاماوية لكونها تلجأ إلى إنصاف ذاتها ومعتنقي توجهها الفكري في مختلف القضايا التي لم يذكر تشريعها في القران والسنة لكنها تعتمد على اجتهاد الأشخاص أي الفقهاء، والفقهاء أغلبهم ينطلق من كتب قديمة مرت عليها قرون وتحدثت عن مجتمع غير الذي نعيش فيه، ثم كون المرجعيات الإسلاماوية متناقضة مع بعضها البعض ففي كل سنة إن قمنا بدراسة تخص تصريحات ومقالات ومقابلات الشيوخ في التلفزيون والنت سيتبين أنهم متناقضون مع بعضهم البعض ويسبون ويشتمون أنفسهم قبل ان يتهمو العلمانيين بالكفر والزندقة.
أولا دعوني أذكركم أن مصطلح "العلمانية" لم أسمع به إلا في عام 2011 ! ولأول مرة سمعت أنه يعني النفاق والكذب وخذمة أجندة صهيونية ماسونية ! ولما بحتث جيدا وجدت العكس حيث تفكيري يتوافق مع كل من يدعوا إلى التحرر والمساواة والديمقراطية، إذ يكفي أن أقول: أنا لن أجبرك على اتباع الإسلام او أي دين، أنا لن أنظر إليك ككافر أتى من أوربا أو أمريكا ، أنا أعترف بأن العلماء الغربيين قدموا الكثير للإنسانية، أنا أكره العنف ضد المرأة، أنا أؤمن بأن خلايا دماغ المرأة والرجل متشابهة وبالتي يفكران ويحسان ولهما نفس المكانة وغيرها من المصطلحات الجميلة والقيم النبيلة والإنسانية ، عندما أشرح لهم رأيي بتلك الطريقة يسرعون ويصنفونني: اه أنت علماني إذن ! إذن انت كافر !
ويجب أن أذكر أن معتنقي التفكير الديني المنغلق منهم الإسلامويين خسرو المعركة الفكرية أمام الحرية والديمقراطية والروح العلمية، لكن هناك من يسرع ويقول إن المغرب دولة علمانية فلماذا لم تتطرو وتتقدم ؟! وأرد عليه : على ماذا إعتمدت حتى صنفت المغرب ضمن البلدان العلمانية ؟ هل إعتمدت على ظهور الملك في التلفاز أيام الجمعة بجلبابه وطربوشه الأحمر ؟ أم إعتمدت على حقوق الإنسان النتهكة في الصحراء وجبال الأطلس ؟ أم إعتمدت على تكفير المثقفين من داخل المساجد ؟ أم إغتصاب الأطفات والبنات وانتشار التحرش الجنسي بشكل مهول ؟ والأسئلة كهذه لاتنتهي في بلدنا المغرب .
لكن لماذا يهاجمون الأشخاص في حد ذاتهم وليس أفكارهم هل هي صحيحة أم لا ؟! لأنهم خسرو المعركة الفكرية كما قلت سابقا ثم يلتجؤون إلى المجتمع البسيط الذي أغلب سكانه غير ممدرسين ليحرضوه ضد كل مثقف يتحدث بجدية ويرغب في تطوير بلده وحماية حقوق أبنائه !
مثلا عندما قال عصيد إن تدريس رسالة النبي بالطريقة الوحشية الإرهابية في المقررات الدراسية المغربية سارع الإسلامويين بتكفيره ويطالبون باعتقاله واعدامه ! لماذا لم يناقشوا فكرة تدريس التلاميذ مضامين نصوص قديمة كانت في سياق وعهد ينتشر فيه الإسلام بالسيف ؟ لماذا لم يوضحوا للتلاميذ بالقول : إن الإسلام كان ينتشر بالسيف فيما مضى أما في يومنا هذا فلم يعد هذا ممكنا لأن الإعتقاد أصبح حرية شخصية ولا يعقل أن تجبر أحدا على اتباع دينك، لكن على العكس عوض أن يناقشوا الفكرة سارعو إلى نشر إسم عصيد ككافر يعادي الإسلام عير الجرائد الوطنية المكتوبة والإليكترونية وبداخل المساجد حيث خصص إمام بمدينة سلا ساعة كاملة لخطبة الجمعة عن أحمد عصيد وقد كان الإمام ينتمي إلى حزب معين، وهكذا يصدق المواطن العادي أقوال الفقهاء والتنظيمات الديكتاتورية الدينية.
هناك العديد من القضايا التي لاحصر لها حيث ينهزم فيها الإسلامويون فكريا وعلميا ثم يلجأون إلى التكفير والترهيب وتحريض المجتمع وهكذا ينشرون الفتنة عوض إصلاح المجتمع !